مقال للكاتب : محمد فاضل ولد محمد يحي ( التراد ).
كثيرة هي الأقلام التى شرعت للحديث عن الحركة الإسلامية في موريتانيا ، ومتعددة هي المناكفات والمساجلات التى سودت بها صفحات الجرائد وغزت ساحات كل المواقع ، مناكفات ومساجلات من الطبيعي أن تكون بين مؤيد ومعارض ، مدافع ومهاجم ، منصف ومتحامل ، والموضوع هو نفسه القديم الجديد الذي لايبدوا أن هناك بصيص أمل في الإنتهاء منه بل على العكس يظل في (تواصل).
ولأنى لست ممن يتقن فن الكتابة أو ممن يصلح لتلك المناكفات والمساجلات، ولأن قلمى لم يشرع يوما للدفاع عن شخص أو انتقاد آخر، اكتفيت بالتفرج على ذاك الصراع الأبدي واستمتعت بمبارزة فرسان الكلمة ألئك ، حتى وإن تخلى بعضهم عن بعض شيم الفروسية أحيانا وطعن منافسه من الخلف بسهام من الغدر والحسد والتحامل، ولأنى أيضا لاأستطيع أن أنكر أنى كنت أشعر أنى طرف في تلك المعركة لكن بما أن الطرفين إختارا المبارزة والكل يعرف قوانينها فقد كنت على قناعة بقدرة فرسان الإسلاميين على الإنتصار واستغنائهم عن قلمى المتواضع.
لذالك حاولت أن يبقى قلمى كما كان حتى وإن أصابتنى سهام الغدر تلك بوصفى أحد الذين اختاروا الإسلام مرجعية والإصلاح هدفا وتنمية الوطن غاية، كنت أتجاهل الألم الذى تسببه تلك السهام وأهرع لزيارة ساحات المعركة فأجد فرسان الإسلاميين قد ضمدوا الجراح وردوا تلك السهام إلى نحور أصحابها.
مع كل ذالك قررت أن أكتب لا لأكون طرفا في ذاك السجال ولا لأجارى تلك الأقلام الشامخة التى يشرعها فرسان تواصل ، لكن لإرضاء قلم تمرد على طبيعته واستجابة لعزة نفس كانت ولاتزال تفتخر بانتمائها للصحوة الإسلامية الغراء وأبت إلا أن تكتب قصة نجاحها الميمون.
بداية المشوار:
ليس من السهل أن تبدأ مشوار الألف ميل فى طريق وعر مليئ بأشواك المؤامرات والكيد والدسائس ، فتتهم تارة بالإرهاب و حينا بالعمالة وأحيانا بالتخلف والرجعية ، ويحاصر فكرك، ويُجرم مقتنعوه ، ويُسجن رائدوه، وتقع بين مطرقة حاكم مستبد وسندان شعب مضلل، وفي الوقت الذى يقتنع فيه أعداؤك أنهم أصابوك في مقتل تخرج من تحت الأنقاض لتعيد ترتيب الأوراق ونفض مادنس صورتك من غبار تلك الدسائس والمؤامرات ، ولأن الحياة كما تأخذ تعطى تجد نفسك أمام فرصة تاريخية لم تكن لتأتى دون تلك الدماء التى سالت من بنيك والمظاهرات التى كانوا هم فرسانها وأصحاب الكلمة العلىا فيها ، وبالطبع ولأنك صاحب قضية كان لابد أن تعيد ركوب القطار من جديد حتى وإن كنت مثخنا بالجراح ولاتعرف طريق العبور ولانقطة التوقف، إلا أن قناعتك الراسخة بعدالة قضيتك وإيمانك القوي بنبل مقصدك لم يتركا للتردد مكان فواصلت الرحلة على نفس القطار الذى غدر بك سائقوه بالأمس، وكماكان متوقعا واصلت رحلة الإصلاح رافعا شعار الوسطية ولم يدفعك خلافك مع سائق القطار الجديد- بل وحتى إعلانه الحرب عليك- بالتقاعس أو التردد بل مددت يد العون لركابه الذين صُورت لهم على أنك هادم اللذات ومفرق الجماعات ، ومع أنك كنت تدرك نظرتهم لك ورأيهم فيك فقد عاملتهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فبُهروا بوضوح رؤيتك ونبل غايتك وسمو مقصدك وعظيم صبرك بعد ان أدركوا حجم الظلم الذى وقع عليك ، حتى وإن اضطروا ساعتها لكتمان شعورهم ناحيتك خوفا من بطش سائق القطار الذى لازال يتحكم في مصيرهم والذى كان قد قطع حبل الود بينك وبينه.
فك العقدة:
انتهت تلك الرحلة – بعد أن ترجل سائقها-على خير وكيف لا وقد استطعت أن تثبت رسوخ قدمك وتحجز مساحة ليست بالقليلة في قلوب شعبك واقتنع بمنهجك جل شباب وطنك ممن كانوا قد أضاعوا البوصلة، فكان من الطبيعي بعد كل ذالك أن تعيد طرح نفس الأفكار التى سجن من أجلها بالأمس بنوك وأراد أعداؤها إقصاءك من الرحلة، فحاولت المشاركة في توجيه القطار هذه المرة خصوصا أن سائقه الجديد كان ولأول مرة من بين ركابه ولم يكن يحمل عداءا مسبقا لك ، فأعلنت الإسلام مرجعية وارتأيت أن يكون الإصلاح هو هدف الرحلة والتنمية غايتها ، فاعترف الجميع بك ساعتها كشريك ، سلم لك من اقتنعوا بنهجك زمام أمرهم واحترم لك من خالفك حرصك على مصلحة الجميع ، بل وصل الأمر بقائد الرحلة أن يطلب معونتك فى توجيه القطار إلى الأهداف التى رسمتها أنت حتى وإن كانت لاتزال بعض المطبات في الطريق تعهد لك بالعمل معا لإزالتها، وهكذا سارت الرحلة فى هدوء يبدوا أنه كان بمثابة الهدوء الذى يسبق العاصفة ، ففي غفلة من الجميع قفز سائق قد سحبت "رخصته" على كرسي القيادة وحاول توجيه القطار بمن فيه إلى جهة مجهولة، ولأن الوفاء من أهم خصالك ورفض الظلم سجية من سجاياك وقفت في وجه الوافد الجديد رافضا أن تستمر الرحلة قبل عودة الحق إلى أصحابه، فأدرك السائق الجديد أن قوتك تكمن في حقك فحاول أن يمزج بعض حقك بباطله ليستميلك إلا أنك كنت شوكة في حلقه حتى وإن اعترفت له بالفضل في إزالة أكبر المطبات التى كانت تعكر صفو الرحلة، تداعى الجميع إلى كلمة سواء لعبت دورا أساسيا في صياغتها واتفق الجميع ممن يريد قيادة الرحلة –بعد أن تنازل طواعية قائدها الشرعي- على أن يحكموا الركاب وينزلوا عند حكمهم، فعرضت نفسك كحل مع علمك أن من اقتنعوا بمنهجك لازالوا قلة لكنك تمسكت بحقك في التميز ، أبدى الركاب أراءهم واختلفوا فى كل شيء إلا في شيء واحد هو أنك كنت الأفضل أخلاقا والأوضح منهجا والأعلى كعبا في التسامح والنضج والرزانة ، فلم يكن امامك إلا أن تذعن لرغبتهم وتشد على يد من اختاروه لقيادتهم لقناعتك أن الجميع قد أنهكوا وآن لهم أن يحرزوا بعض الراحة.
حصد الثمار:
ولأن قطار الحياة لايمكن أن يتوقف تواصلت الرحلة بعد أن حدث شرخ كبير بين قائدها الجديد ومن نافسوه بالأمس كنت أنت صلة الوصل بينهم، فاقتنع القائد الجديد بضرورة الإستماع لرأيك واعترف بصعوبة إقصاءك فقرر أن لايعترض طريقك، وهكذا انصرفت لرأب الصدع وردم الهوة بين الإخوة المتخاصمين وفي غمرة انشغالك ، وغفلة من السائق أو تغافل حاول راكب متهور أن يغير سير القطار عن الخط الذى رسمته أنت فانتفض الجميع لردعه حتى وإن استحسن بعض الركاب صنيعه، إلا أن هناك راكبا - ترجل للتو من فوق حصان متعب بعروبته- لم يجد ذاته طوال الرحلة حاول أن ينتهز تلك الفرصة ليقفز إلى الواجهة ، وحينما وجدك أمامه حاملا صخرة المبادئ والقيم والتسامح التى تحطمت عليها أفكاره الإقصائية حاول أن يطعن فى نواياك وأن يؤلب الركاب عليك ناسيا أو متناسيا أنك بفضل راية الوسطية التى رفعتها والقيم الإسلامية التى نشرتها استطعت أن تجمعهم نحوك وتستميلهم إليك، وهكذا واستجابة لنفس بشرية أمارة بالسوء صب جام غضبه عليك وأعلنها حربا شعواء على كل من اقتنع بمشروعك أو أعجب به حتى.
انتهت الرحلة الشاقة أو على الأصح توقف القطار فى محطة من محطات الحياة وأراد سائقه أن يكرمك ويكرم من التحقوا بمشروعك، أو بصورة أدق أراد أن يعطيك بعض حقك وينتفع من الخير الذى يتدفق من منهجك فقرب رمز مشروعك ورائده وأعطى بعض الحرية لرجال فكرك ومعتنقيه وتوج كل ذالك باستضافة رمز أخذ من معينك حتى ارتوى وكان القدوة الحسنة لكل من يؤمن بك كفكرة ويتبناك كمشروع، فلم يكن بالإمكان بعد كل ذالك إلا أن ترتسم تلك اللوحة التى زينت بالتكبير والتهليل وزخرفت برجال أمن يحرسون إخوان مسلمين.
قصة نجاح كهذه لابدان توقظ بعض مشاعر الكراهية عند أصحاب أقلام مريضة لم يجنى أصحابها سوى الفشل فتولدت عندهم عقدة من كل نجاح فأحرى أن تكون قصة النجاح تلك هي قصتك أنت، أنت أيها المشروع الإسلامي الذى أثبتت أنك الأصلح للبلاد والعباد.
فلكل من اختارك منهجا أنصح أن يبقى معك في( تواصل)
ولكل من فضل إعلان الحرب عليك أقول له أنه جانب ( الصواب)
نواكشوط بتاريخ
22/05/2010
0 التعليقات: